«طش فش».. عودة الكاريكاتير العربي إلى الحياة

يواصل الكتاب الدوري «طش فش»، الذي يصدره الناشر المعتز الصواف استعادة الدور اللافت، الذي يلعبه فن الكاريكاتير في الواقع السياسى العربي المعاصر. ففي العدد الثانى الذي صدر بعنوان «البحث عن الصديق مستمر»، يركز الكتاب على أعمال لأبرز رسامي الكاريكاتير العرب، الذين يأتي على رأسهم الرسامان المصري أحمد حجازي والفلسطيني ناجي العلي، كما يضم رسومات ساخرة للبنانيين حبيب حداد وبيار صادق والكويتي محمد ثلاب والفنانة الفلسطينية أمية جحا والفنان الأردني جلال الرفاعي، ورسام الكاريكاتير العراقي عبدالرحيم ياسر. وتتنوع الرسومات التي اختارها «الصواف» للنشر في هذا العدد من الكتاب بين الموضوعات السياسية والاجتماعية، ويمكن عبرها التعرف على اتجاهات وأفكار أصحابها باعتبار أن الكاريكاتير هو فن التقاط المعنى الضمني، الذي يستدعي التأمل فيما نشاهده في الرسم مقارنة بما نعرفه في الواقع، وتعد رسومات هؤلاء الفنانين وبحق تأريخاً ساخراً للواقع العربي من زواياه المتنوعة. ونقرأ في الكتاب عن الراحل حجازي تحت عنوان «ضحكات الطفولة والعفاريت» وهو ما يشبه السرد السريع لحياة فنان مصري أصيل كان كل همه الاشتباك مع الواقع، ونقده في محاولة منه لتغييره، حيث لم يكن «حجازي» منعزلاً عن هذا الواقع، بل تورط فيه وسن ريشته، ودفعها فيه بقوة قبل أن يتوارى إلى الإحباط، وينعزل بالفعل في مدينته طنطا، التي ولد بها حتى توفى فى أكتوبر 2011. استعاد الكتاب رسومات معبرة لحجازي منها رسم جسد فيه شخصية سي السيد الرجل المتسلط، وهي من شخصياته الشهيرة، وآخر عن ثورة 23 يوليو ورسم عن المذابح الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، ورسمه الخاص بالسلسلة المصورة «تنابلة الصبيان» التي قدمها في مجلة سمير للأطفال. كذلك كانت رسومات الرسام الفلسطيني ناجى العلي هي الأخرى ضرباً من المقاومة والاحتجاج والاعتراض. حيث كان حنظلة حاضراً «الأيقونة التي تفضح الانهزام والضعف في الأنظمة العربية» وهو الذي ولد يوم النكسة ثم بعد حرب أكتوبر 1973 «أدار ظهره وكتف يديه»، وأخفى وجهه، لأن ظهوره يرتبط باسترداد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته. نشاهد في الكتاب أيضاً رسومات للفنان الأردني الراحل جلال الرفاعي ينتقد فيها أوضاعاً اجتماعية وسياسية عديدة، فهو حسب الكتاب «ظل حتى الرمق الأخير يطالب برفع سقف الحرية، منتقداً ضيق أفق المسؤولين، الذين يعتقدون أنهم المستهدفون شخصياً». يستعرض الكتاب أيضاً مسيرة الفنانين اللبنانيين حبيب حداد وبيار صادق. «حداد» يتفاعل مع الأحداث كما لو أنه موجود فيها يختزلها ويستنتج ما قد يحصل، يرسم بحرية لكن رسوماته عادة لا تتضمن كلاماً، ينتقد سياسات معينة لكنه يرفض الاستهزاء والسخرية من أجل السخرية. بيار صادق يرسم بتهكم الواقع اللبناني منذ أكثر من خمسين عاماً روحه متمردة، وظمأه إلى الحرية لا يرتوي، ولا يصعب عليه إيجاد فكرة دائماً، خاصة في لبنان بسبب كثرة الأخبار فيها. أمية جحا الشخصية النسائية الوحيدة بين رسامي الكاريكاتير التي استعاد الكتاب أعمالهم، وأطلق عليها خليفة ناجى العلى، وقد عبرت عن الواقع الفلسطيني تعبيراً صادقاً وتمتاز رسوماتها بصدق التعبير، وجماليات التشكيل الفنى، وكان ذلك سبباً في حصولها على عدد من الجوائز، منها جائزة الصحافة العربية عام 2001 في الإمارات. ويتوقف الكتاب أيضاً عند أعمال الرسام الكويتي محمد ثلاب، الذي اشتهر بيوميات «أبوقتادة وأبونبيل»، وهي رسومات كاريكاتورية ابتكرها وتنشر يومياً فى الصفحة الأخيرة من جريدة الوطن الكويتية، كذلك عرض لرسومات الفنان العراقي عبدالرحيم ياسر، الذي «جمع بين الرهافة والمعرفة في اختيار الموضوعات، وتنفيذها بتصوير عالم زاخر بالقسوة والفساد والبراءة أيضاً».
Source